الكتاب الوجيز النظام
نبذة عن الموضوع:
جاءت نصوص الشرع مصدراً يُستقى منها أحكامُ الشرع على مقتضى اللسان العربي ، فكانت الأحكام مفهومةً ، والقضايا معلومة ، على قدر إدراك كلام العرب وفهم أساليبهم ، وكان سلف هذه الأمة على هدي بيّن تجاه نصوص الشرع ، ولم يكن بينهم من الخلاف إلا القدر اليسير من الأحكام القائمة على الاجتهاد المحض ، وبعد انتشار الأمة واختلاط العرب بغيرهم من الأمم ، ظهرت المدارس الفقهية ، وكثر الخلاف ، وبرزت الحاجة لوضع قواعدَ وأسسٍ يُبنى عليها أصولُ الاستنباط من النصوص الشرعية ، ومع امتداد القرون برزت مناهج مختلفة ومدارس متنوعة في معالجة هذا العلم ، وعرض مسائله ، وتطبيق قواعده ، حتى غدا بصورة تباين ما كان عليه الأقدمون ، سواء في تقرير المسائل النظرية ، أو في التطبيق على النصوص والفروع الفقهية ، وقد أدرك جماعة من أهل العلم هذا التمايز بين منهج السلف والخلف في عرض المسائل والقواعد ومدى الاختلاف في أسلوب تطبيقها ، وكان من بين هؤلاء العلامة المتفنن الشيخ محمد بن سليمان الكافِيَجي الحنفي (788ـ879هـ) ، فوضع هذا المصنّف الموجز ـ الذي يُحقّق للمرة الأولى ـ ليقرّر هذه المسألة على سبيل الاستقلال ، بأسلوبٍ يجمع بين الجزالة والوضوح ، والتأصيل والإبداع . وظهرت أهمية هذا المصنَّف من حيث إبرازه جانباً تاريخياً ومساراً علمياً لفنّ أصول الفقه ، وبيان استغناء السلف عن كثيرٍ من علوم الخلف ، لاستظهارهم هذه العلوم بمقتضى السليقة والفطرة السليمة ، مع الدعوة إلى الاستفادة من طريقة السلف بالانتزاع المباشر للأحكام من النصوص الشرعية ، من غير حاجة إلى التمسّك فيها بمسالك المتأخرين ، مؤكداً على أهمية إحياء فقه السَّلف ، والأخذ بمسلكهم في تقرير الأحكام ، من غير التفاتٍ عن منهج الخلَف ولا تنكبٍ لعلومهم .